موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الطاقة في علم الروح والتحويل

يمكن للطاقة أن تتحرك في بعدين مختلفين... إذا تحركت طاقتك إلى الصراع الداخلي فأنت تهدرها كل يوم... أما إذا تراكمت ولم يكن هناك صراع، ستأتي لحظة تشبه عملية تسخين الماء إلى 100 درجة، عندها يتحول الماء إلى شيء آخر ويتبخر... لقد تحول من سائل إلى بخار.. لكنه لن يتحوّل أبداً في درجة 99... فقط درجة 100 ستحوله وتبدل أحواله.

الشيء ذاته يحدث في العالم الداخلي... أنت تهدر طاقتك كل يوم ونقطة التبخر والغليان لا تأتي يا إنسان... لا يمكنها أن تأتي لأن الطاقة لا تتجمع أبداً... حالما يختفي الصراع الداخلي تبدأ الطاقة بالتراكم وتعطيك شعوراً بالقوة أكثر فأكثر.

ستشعر أنت بالقوة وليس "الأنا".. الأنا يشعر بالقوة فقط في القتال... أما عندما يختفي القتال والجدال تتحول الأنا إلى بقايا خيال.. و"أنت" تشعر بالقوة، هذه الـ"أنت" شيء مختلف تماماً... لا يمكنك معرفتها أو فهمها قبل أن تصبح كلّاً كاملاً متكاملاً... الأنا توجد في الأجزاء وفي التقسيم والأحكام... هذه الـ"أنت" هي ذات الإنسان وهي نور من نور الرحمن، وهي توجد فقط في حالة التوحيد والتكامل دون أي انقسام أو صراع داخلي.. طاقة واحدة موحدة.

حالما تصبح الطاقة غير منقسمة، تبدأ بالتراكم... أنت تصنعها كل يوم، وطاقة الحياة تولد وتتجدد داخلك، لكنك تضيعها في الصراع... هذه الطاقة بالضبط تصل إلى نقطة تتحول فيها إلى وعي ويحدث ذلك تلقائياً.
حالما تتوحد داخلك وتعرف كيف تكون كاملاً دون انفصام، ستكون واعياً أكثر وأكثر، وسيأتي يوم تتحول فيه طاقتك بكاملها إلى وعي صافي.

عندما تتحول الطاقة إلى وعي ستحدث عدة أشياء، لأن الطاقة عندها لا يمكن أن تذهب للجنس وتخرج من هناك.. عندما تستطيع الطاقة أن تصعد إلى أبعاد أعلى فلن تهبط للأدنى، وانتبه هذا ليس إدانة للجنس.. طاقتك تستمر بالذهاب إلى المستويات الأدنى لأنه ليس عندك بديل أعلى، وليس عندك مستوى الطاقة الذي يسمح لها بالذهاب إلى الأعلى، لذلك تذهب إلى الجنس.... طاقتك تذهب إلى الجنس فتصبح أنت خائفاً منه فتصنع فكرة العزوبية وإنكار الدنيا والجسد وتصبح في انقسام وانفصام وعلى الطاقة السلام! ستصبح طاقتك أقل فأقل لأنك تهدرها في جهود عقيمة!

هناك ظاهرة واضحة جداً: عندما تكون ضعيفاً تشعر بالهوس الجنسي أكثر... يبدو هذا جنوناً وغير منطقي من وجهة نظر العلم الغربي البيولوجي، لأن علم الجسد يقول أنه عندما يكون لديك طاقة وقوة جسدية جنسية أكثر ستشعر بالجنس أكثر... لكن الحالة ليس كذلك! عندما تكون ضعيفاً أو مريضاً ستشعر بالجنس أكثر.. أما عندما تكون بصحة جيدة وحيوية قوية لن تشعر كثيراً بالهوس الجنسي.
ونوعية الجنس أيضاً ستكون مختلفة... عندما تكون ضعيفاً، سيكون الجنس نوعاً من المرض وسيصنع حلقة مفرغة متكررة... بعد الجنس ستشعر بمزيد من الضعف وهذا الضعف سيعطيك شعوراً أكثر بالجنس... والجنس سيصبح في الرأس.. شيء فكري لا جسدي واقعي.

عندما تكون بصحة جيدة وحيوية، عندما تشعر بالاسترخاء والسعادة الفطرية، لن تكون مهووساً كثيراً بالجنس... عندها حتى إذا حدث الجنس فلن يكون مرضاً... بل سيكون فيضاً ومشاركة.. ستكون نوعيته مختلفة تماماً... عندما يكون الجنس فيضاً وعطاء، فهو طاقة الحب نفسها تعبّر عن ذاتها من خلال طاقة الجسد الحيوية، الجنس حينها جزء من الحب.
عندما تكون ضعيفاً والجنس لا يفيض، سيكون عنفاً ضد نفسك، وعندما يكون عنفاً ضد نفسك يستحيل أن يكون حباً.... الشخص الضعيف يمكنه أن يمارس الجنس لكن جنسه ليس حباً أبداً... إنه أبعد ما يكون عن الحب وأقرب إلى الاغتصاب، واغتصاب للطرفين، اغتصاب لنفسه هو أيضاً... لكن عندها تظهر حلقة مفرغة: كلما شعر بالضعف أكثر شعر بالجنس أكثر.

لكن لماذا يحدث كل هذا؟ علوم الحياة المخبرية ليس عندها جواب أو شرح، لكن علوم الصلاة الروحية عندها الجواب ومفتاح كل باب... يقول علم الروح أن الجنس هو ترياق ودواء ضد الموت... الجنس ترياق ضد الموت!! نعم هناك حتى مثل شائع بين الناس: من خلّف ما مات!.. الجنس يعني الحياة واستمرارها في المجتمع، فقد تموت أنت لكن الحياة ستستمر في أولادك.. لذلك عندما تشعر بالضعف وأن الموت قد اقترب سيصبح الجنس هوساً وشيئاً مهماً جداً لأنك ستموت في أي لحظة... مستوى طاقتك قد هبط وقد تنتهي حياتك في أي لحظة لذلك أسرع وانغمس بالجنس فوراً لتسمح لشخص جديد أن يعيش فتستمر الحياة.....
لذلك نرى الرجال الكبار بالعمر أكثر هوساً بالجنس من الشباب... وهذه عبرة عميقة لمن اعتبر ونظر... الشباب عندهم طاقة جنسية أكبر لكنهم ليسوا مهووسين بالجنس كثيراً، الكبار في العمر طاقتهم الجنسية أقل لكنهم مهووسين أكثر... وإذا قدرنا على الدخول إلى فكر رجل كبير سنعرف تماماً ماذا يحدث.

بالنسبة للطاقة الجنسية، نجد أنها أقل عند المسنين وأكثر عند الشباب اليافعين.. لكن بالنظر للرغبة الجنسية أو الهوس، ونقصد بالهوس التفكير بالجنس، نجد أنه موجود عند المسنين أكثر من اليافعين..... الموت يقترب منهم والجنس ترياق ضد الموت، لذلك هذه الطاقة الضعيفة تريد إنتاج شخص جديد الآن.. الحياة يجب أن تستمر.. الحياة لا تهتم بك بل تهتم بنفسها... هذه هي الحلقة المفرغة.

والأمر نفسه يحدث بالعكس أيضاً.. إذا كنت تفيض بالطاقة، سيصبح الجنس أقل فأقل أهمية والحب سيصبح أكثر أهمية... وعندها الجنس يمكن أن يحدث كجزء من الحب فحسب، كمشاركة عميقة بين العاشقين المنسجمين... أعمق مشاركة ممكنة تحدث على مستوى نور وطاقة الأجساد الحيوية لأنها طاقة الحياة ذاتها... أي شخص تحبه ستحب أن تعطيه شيئاً، العطاء جزء من الحب وفي الحب نجد تبادل الهدايا والأشياء، لكن أعظم هدية ممكنة هي طاقة الحياة من روحك ذاتها... في الحب، يتحول الجنس إلى هدية عميقة من الطاقة الحيوية، من الحياة... أنت تهدي قطعة من نفسك.

فعلاً في كل فعل ورقصة في صلاة الجنس الطبيعي أنت تهب نفسك بكاملها.. عندها تظهر دائرة مختلفة: كلما شعرتَ بالحب أكثر، ستشعر بالطاقة والقوة أكثر...... كلما شعرت بالحب أكثر، ستشارك بالحب أكثر، وعندها ستصبح أقوى أيضاً لأن الأنا تذوب في الحب... في الحب عليك أن تجري وتتدفق مع نهر الحياة.
لستَ بحاجة للتدفق مع الحياة في عالم السياسة، بل ستكون أحمقاً إذا فعلت ذلك، لأنه في السياسة عليك أن تضغط وتجبر نفسك للسير ضد الحياة وعندها فقط يمكنك أن ترتفع في المراتب والمناصب والنصب.... إذا كنت تدير عملاً تجارياً ما فستكون أحمقاً إذا مشيت مع الحياة ورقصت مع رقصتها، ستضيع في اللامكان واللازمان ولن تقدر على القتال والمنافسة والعنف... كلما كنت أكثر عنفاً كنت أكثر جنوناً وأكثر نجاحاً في عالم التجارة والدعارة والسياسة والأموال.

فقط في الحب ليس هناك منافسة أو قتال أو عنف... وأنت تنجح في الحب فقط عندما تستسلم... لذلك الحب هو الشيء الوحيد من الدنيا ضد الدنيا، الحب هو الشيء الوحيد الذي يصلك بالعالم الآخر وأنت هنا في هذا العالم...... وإذا كنت مستسلماً لمحيط الحب ستصبح أكثر تكامل وتناسق وانسجام وتتراكم فيك الطاقة أكثر فأكثر...

وكلما زادت الطاقة سيقل الهوس الجنسي... وستأتي لحظة تبدأ الطاقة فيها بالتحول والتبدّل إلى وعي... يختفي الجنس ولا يبقى إلا لطافة ومحبة صافية ورحمة.... كل الحكماء والأنبياء نجد في وجههم بريقاً من الرحمة والمحبة، هذه هي الطاقة الجنسية عندما تتحول.... لكن لا يمكنك الحصول عليها بالكبت والصراع، لأن الصراع يصنع الانفصام والانفصام يجعلك أكثر هوساً بالجنس.

هذا هو سر علم التحويل للجنس، وهو يختلف تماماً عما سمعتَ أو اعتقدتَ أو فكرتَ عن الجنس والعزوبية والعذرية... يختلف عن الكبت والفلت الذي يملأ الأرض والمحطات الفضائحية... فقط من خلال علم التحويل يمكن أن تظهر عزوبية حقيقية في لحظة ما وهي ليست إلا البراءة النقية الفطرية... لكن عندها لن تكون نتيجة بل تحصيل حاصل وحدوث حادث... أمر تلقائي يتبع قبولك المطلق لجسدك ولجسدك عليك حقّ.
 

أضيفت في:19-7-2013... الحب و العلاقات> عهر و طهر
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد