موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الغذاء كطاقة

لم يكن استخدام الأعشاب والوخز بالإبر ومستحضرات المعالجة المثلية وغيرها من التقنيات القريبة منها أو المتصلة بها للطب البديل، الطريق الأولى والأساسية التي سلكها الأطباء الشرقيون التقليديون في مواجهة الأمراض وأعراضها ، بل كان تفكيرهم مُنصباً دائماً، على اعتبار الغذاء اليومي أساساً وأداةً ضرورية عندما تعرض لهم أية مشكلة صحيّة، وكان يسود الاعتقاد بأن بعض أنواع الطعام تقوّي أعضاء أو أجهزة بعينها وأن لها أثراً وقائياً بل وعلاجياً، بالنسبة إلى أمراض معينة.


منذ مئة سنة خلت، بدأ الشرق يتعرّف إلى المبادئ الغذائية الحديثة والطب الحديث. غير أن معظم الناس في اليابان والصين وكوريا وفي الدول العربية وغيرها ، قد أصيبوا بخيبة أمل من تجارب كثيرة عندما اختبروا هذه المبادئ وطرق التداوي الحديثة المرتبطة بها . ومع مرور السنين، برزت علاجات وتقنيات جديدة وسقطت أخرى قديمة، وبدا الأمر وكأنه قد دخل في دوّامة لا نهاية لها. فلقد ثبُت أن للكثير من هذه العلاجات آثار جانبية ضارّة أو أنها قابلة إلى تعريض متناولها إلى الإصابة بأمراض جديدة أخرى، إضافة إلى كون هذا العلاج الحديث مكلف.أصبح غالياً  جداً. لذلك لم يكن مستغرباً أن تنطلق من جديد فكرة إعادة تقييم للطب الشرقي التقليدي.
‏غير أننا نجد أطباء العصر الحديث، بما فيهم الأطباء الشرقيون، منكبين على تناول طرق التداوي التقليدية من منظور تحليلي، فلما كان مثلاً نوع ما من أنواع الفطر يستخدم كعلاج للحمى وخفض درجات الحرارة، قام أطباء العصر الحديث بتحليل هذا الفطر لتحديد المكوّن الكيميائي الفعال في هذا الشفاء ومن ثم استخراجه وإنتاجه على شكل حبوب أدوية. لكن في معظم الأحوال، لم يحصلوا على النتيجة المطلوبة، لأن الأطباء التقليديين في أثناء بحثهم عن طرق علاجية فعّالة، لم يدخلوا في اعتبارهم إطلاقاً أن بعض المكونات الغذائية (كالفيتامينات والبروتينات)أو الكيميائية(كالأحماض أو الأنزيمات) ، هي مكونات مميزة للمنتج. وإن التأثير الكلي لطعام معين يختلفا تماماً عن تأثيره العلاجي لأحد مكوناته الجزئية.

إذ ا أردنا أن نحكم على العلاجات التقليدية بطريقة صحيحة وأن نستخدمها بفعالية وكفاءة، علينا أن نقيم هذا الطب القديم وفق المنظور التقليدي للتفكير وبخاصة أن تفهم الفكرة التي تبناها الأطباء التقليد يون عن الطعام وعن المادة بصفة عامة. 
 

الطاقة "Ki"

 

ينظر الأطباء الشرقيون إلى أي نوع من أنواع الطعام ككل عند اعتباره علاجاً ممكناً، فقد يتطابق نوعان من الطعام كيميائياً، ولكنهما يختلفان شكلاً على سبيل المثال فهما لذلك يعتبران مختلفين، وعند تناولهما يكون لهما أثراً مختلفاً علينا. لذلك فبدلاً من محاولة فهم الكل من طريق درس أجزاءه، يرى الأطباء الشرقيون أن هذا الكل يعبّر عن الحركة أو الطاقة لهذا النوع من الغذاء.

إن الفهم الصحيح لاصطلاح «كي» ki في الطب الشرقي له أهمية بالغة. ومع أنه لا يوجد في العربية تعبير يجسّد تماماً معنى هذا المفهوم، إلا أننا نعتقد أن اصطلاح "الشحنة الكهرومغنطيسية" أو "الذبذبة"

 

قد يكون الأقرب إلى ترجمة هذا المفهوم. إن الرمز الياباني للطاقة "كي"  يترجم حرفياً ب "طاقة الأرُز"...

لقد حاول الأطباء الشرقيون تحديد نوع ال"كي" المصنوع منه أي نوع من الطعام، وأي نوع من أنواع الطاقة يولِّدها في أجسامنا عند تناوله، كما حاولوا فهم الأعراض والأمراض بوصفها نماذج عن ال "كي".
 

وبحثوا في اكتشاف أي وسيلة للتأثير فيها. من هذا المنطلق لم يتم تطوير العلاج من طريق الطعام وحسب بل أيضاً من تطوير علاجات مثل مساج شياتسو والعلاج براحة اليد والوخز بالإبر و التداوي بالأعشاب وغيرها.

ولا يقتصر فهم ظاهرة استخدام اصطلاح ال"كي" على المجالات التخصصية مثل الطب الشرقي، فقد استمر استخدام تداول هذا المفهوم من قِبل الأشخاص العاديين في البلدان الشرقية آلاف السنين، بل الحقيقة إن المفهوم الشرقي للحياة يقوم في الواقع على اعتبار أن كل ما في الحياة هو "كي" ويتضح ذلك لكل من كان على اطّلاع بلغتهم. ولكي نقدم للقارىء صورة أوضح عن مدى شيوع هذا المصطلح، نورد فيما يلي بعض الأمثلة عن كيفية استخدامه في تعبيرهم عن الأمراض والأعراض والسلوكيات والأشياء وغيرها من الظواهر.

* بيوكي (مرض، وجع): تعني حرفياً،«كي يتألم» أو"كي مريض" لاحظ أنه لا يقال " الجسم مريض".
* كيوكي (مجنون، مريض عقلياً): تعني حرفياً "كي غير منظم"أو " خطأ في الكي" وهي تشير إلى اختلال عقلي ولا يقولون إن الدماغ أو التفكير مُختل.

* كوكي (هواء): تعني حرفياً "كي السماء" أو "كي الفراغ".
* تن كي (الطقس): تعني "كي الجنة".
*كي كاي(هارا) : تعني "محيط الكي".
*دن كي (كهرباء) : حرفياً تعني "كي الرعد" أو طاقة الرعد.
*جي كي (مغناطيس):تعني حرفياً "كي المغناطيس" أو طاقة المغناطيس، جي (مغناطيس) وتعني الحجر الذي يجذب.
* شيوكي: "كي الملح "عندما يكون طعم الحساء شديد الملوحة يتول اليابانيون: "إن كي الملح قوي" عوضاً عن "يوجد الكثير من الملح".
* ميزو كي: "كي الماء" عندما تكون راحتا شخص مبتلتين باستمرار، يقول اليابانيون: إن "ميزوكي" عنده قوية أو وفيرة.
*ايكيدو: 'أي' تعني مقابلة أو تناسق 'دو' تعني "تاو". ايكيدو هي "الطريق إلى تناسق الكي".
*كوي كي (شهية) : "كي الطعام".
* كي شو (شخصية) : تعني حرفياً "شخصية الكي".
*كي شوغاتسويوي: "شخصية قوية جداً" ما يعني
‏شخصية مسيطرة متسمة بالعناد والإصرار الشديد.
*كي شوغايوواي: "شخصيته ضعيفة"
*‏كي غاهاريرو:"كي يصبح حسناً" ما يعني "أشعر بأني على ما يرام".
*كي غاشيزومو: "كي يفرق" يعني "حزين أو مكتئب".
*كي غاتسوكو (ملاحظة) : "الكي مربوط " "الكي مركز" إن التعبير العسكري الياباني المرادف ل "انتبه" هو "كي أوتسو كي" وتعني: "اربط الكي".
* كي أوكوبا رو:" وَزع الكي " وتعني "فكر" أو "اعتبر".
* كي أوتسو كاو: "استعمل الكي" وتعني "فكر ملياً"،
‏"انتبه".
*كي غاكي كو: "الكي يعمل ببراعة" يقال عن شخص يعمل بسرعة، بوعي وتجديد.
*دوكي أوها تسو (يغضب): "كي ينفجر غضباً".
*أوا كي: "كي طليق" تقال عن شخص يتسم بالمرح.
* يوكي (يانغ كي): يقال عن شخص سعيد، عملي، نشيط.
* ان كي (ين كي): يقال عن شخص جدي ومتشائم وسوداوي.
* يوكي (شجاع) : "كي نشط".
* شوكي (روح القداسة) : "كي صحيح"
* كي هين ( أناقة، عظمة، صفاء، لطافة): "الكي جيد لثلاث عوامل"، هذه العوامل الثلاث هي الغذاء، التنفس، النطق.
* كي غاكاوارو: "كي متغير" ما يعني "فكر متغير".
*كي أوتو باسو (مرعوب) : "الكي يطير مبتعداً".
*كي أوشيناو (ضعف): "الكي مفقود".
* كي ني إرو (مولع، مغرم): "كي يدخل".
*جوكي سورو (احمرار الوجه خجلاً ) : "الكي يصعد، الكي يصعد مرتفعاً".
 

من خلال هذه الأمثلة نرى أن الشرقيين الذين قاموا بتطوير مثل هذه التعابير وعاشوا مع مفهوم "الكي" الذي يقوم عليه فهمهم للظواهر كافة، فبالنسبة إليهم كل شيء هو"كي"، أي أن كل شيء هو عبارة عن طاقات وموجات وذبذبات وبذلك تفقد المادة عندهم مضمونها كمادة ويصبح الجسد والروح وجهين لعملة واحدة والاختلاف بين العقل والجسد يوصَف ببساطة على أنه اختلاف في كثافة الكي، وفي الواقع لم تكن الحضارات الشرقية الأصلية والعلوم والطب والفلسفة والديانات إلا طرقاً لفهم وتطبيق "الكي" واستخدامها في المجالات المختلفة .

أضيفت في:20-11-2009... صيدلية المنزل> الطب الطبيعي
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد