موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

مخزون هتلر الكيماوي: مبيدات للعرب فقط!

مخزون هتلر الكيماوي تحوّل إلى مبيدات حشرية
محظورة في أوروبا.. وتُصدّر للعرب فقط!!!

د. كوران الطالباني يكشف لـ (الزمان الجديد) عن عمليات واسعة لتسميم المبيدات الحشرية والزراعية لطعام الإنسان وهوائه...

عثرت قوات الحلفاء بعد دخولها إلى برلين وهزيمتها للنازية في نهاية الحرب العالمية الثانية علي مخازن عملاقة للغازات السامة، لو استخدمها هتلر في الحرب لأدت إلى فناء جزء كبير من البشرية.
وبدلاً من إتلاف هذه الأسلحة الكيماوية القاتلة والتخلص منها ومنع إنتاجها، وجدت فيها شركات إنتاج المواد الكيماوية منجماً من الذهب يدر عليها أرباحا تبلغ عشرات المليارات من الدولارات، بعد أن غيرت خصائصها وبدأت باستخدامها في مكافحة الحشرات بموافقة الحكومات وعلمها...

الدكتور كوران الطالباني اكتشف أن 200 ألف فلاح بريطاني يعانون من التسمم وإصابات في الدماغ تمنعهم من التفكير والتركيز وتسبب لهم آلاماً مبرحة إضافة إلى  فقدانهم وظائف الدماغ العليا، فنقل الموضوع إلى مجلس العموم ليناقش من قبل أعضاء البرلمان والحكومة والمجالس العلمية التابعة للوزارات، منبهاً إلى خطر استخدام هذه المواد وتصديرها إلى دول العالم الثالث دون إجراء دراسات كافية عليها.

عندها تحركت الشركات ولوبي الضغط الذي شعر بخطورة اكتشاف الطالباني على الجميع والذي يمكن أن يؤدي إلى إيقاف إنتاج هذه المواد وظهور تواطؤ المستشارين من أعضاء المجالس العلمية الذين يعملون كمستشارين للشركات أو من كبار حاملي اسمها!
ولا يزال هذا الملف يتدحرج ككرة النار بين أروقة البرلمان ومباني الحكومة ودهاليز الشركات واجتماعات الاتحاد الأوروبي وتعقيبات ومقالات الصحافة العالمية، منذراً بحرق الجميع.

الدكتور الطالباني هو المتفرج الوحيد والعارف ببواطن مسرح اللعبة وأبعادها التجارية والسياسية:

متى بدأ اهتمامك بتأثير المبيدات الحشرية علي الجملة العصبية؟
ــ عملت كطبيب للجملة العصبية منذ تخرجي من كلية الطب في نهاية السبعينيات. وعند انتقالي إلى اسكتلندا في عام 1981 زاد هذا الاهتمام وركزت على دراسة تأثير المواد السامة على الجملة العصبية.
وتركزت الأبحاث التي قمت بها لنيل أول شهادة الدكتوراه على ايجاد سبيل لفحص الاعصاب المحيطية والرئيسية التي تتأثر بهذه المواد.
وخلال فترة الدراسة أصبحت معروفا في منطقة غرب اسكتلندا كطبيب متخصص بتأثير المواد الكيماوية علي الجملة العصبية، لذلك عُرض عليّ مرضى بريطانيون يعانون من أمراض غريبة غير معروفة في الاعصاب المحيطية وبعض المراكز المهمة في الدماغ، وظهر لدي شك نتيجة الأبحاث والدراسات التي قمت بها بأن هؤلاء المرضى الخمسة يعانون من تأثير مواد سامة.

هل كانت أسباب المرض غير معروفة لك؟
ــ نعم، لم أكن أعرف أسباب المرض عندهم ولكني كنت متأكداً بأن إصابتهم ناتجة عن تأثير مواد سامة لم تكن معروفة في السابق على الجملة العصبية. وعند إجراء الأبحاث والاستقصاءات على هؤلاء المرضى ظهر لي بأن الشيء المشترك بينهم هو عملهم كفلاحين واستخدامهم في هذا العمل المبيدات الحيوية المشتقة من الفوسفات العضوية، ((المبيدات الضبابية التي تُنشر في المدن بين البيوت لقتل البعوض من نفس الزمرة الكيماوية!!!!))) فانصبّ الاهتمام والتركيز على التأثير المحتمل للفوسفات العضوية على الجملة العصبية، وهو تأثير مرضي لم يكن معروفاً في السابق.

ما الأعراض الغريبة الظاهرة على المرضى؟
ــ التعب والإرهاق الشديد من أقل حركة او جهد عضلي او ذهني والتهاب الاعصاب المحيطة خاصة في الاعصاب المحيطة الصغيرة فتنشأ نتيجة ذلك اختلالات في أحاسيسهم بالألم ودرجات الحرارة. والعارض الثالث الذي يعاني منه المرضى هو اختلال وظائف جميع الاعصاب المحيطية او المركزية التي تنظم عمل الجهاز العصبي اللاارادي، السمبثاوي والجهاز العصبي اللاارادي المنظم لعمل أجهزة الجسم الداخلية.
وباختصار فإن المرضى يعانون من اختلالات في عمل أعضاء الجسم دون استثناء وتنصب شكواهم على الجملة العصبية، إذ يصابون باختلالات عضلية، مثل التقلصات الشديدة المؤلمة في جميع انحاء الجسم. والأخطر من كل هذه الاعراض هو فقدان الوظائف العليا للدماغ مثل التفكير والتركيز والذاكرة، مما يؤدي إلى تبدل شخصية المريض.

ماذا استنتجت من العلاقة بين عمل المرضى كفلاحين وإصابتهم بالمرض؟
ــ استنتجت منطقياً وعلمياً بأن المادة الوحيدة المشتركة التي يستخدمونها جميعاً لإبادة الحشرات في أغنامهم ومواشيهم، هي الفوسفات العضوية المسؤولة عن إصابتهم بالمرض.
والأدهى من ذلك هو أن القانون البريطاني الصادر من الحكومة يلزم مالكي المواشي باستخدام هذه المواد مرتين في العام تحت إشراف وزارتي الزراعة والأمن الصحي.

ما أسباب إلزام الفلاحين قانونياً باستخدام هذه المواد؟
ــ لمكافحة الحشرات التي تصيب المواشي في المزارع.

وكيف يتم علاج هذه المواشي لتخليصها من الحشرات؟
ــ بغسلها مرتين في العام في أحواض معدة لهذا الغرض بشكل كامل، حيث تطمس فيها الحيوانات لمدة دقيقة او دقيقتين. ويقوم الفلاح بهذه العملية دون ارتداء ملابس واقية بشكل كامل وانعدام المعرفة بالمخاطر المحتملة للمواد العضوية المستخدمة على صحة الإنسان.

أستنتج من حديثك أن القانون البريطاني يلزم الفلاحين باستخدام المواد العضوية لمكافحة أمراض المواشي ولا يلزمهم بارتداء ملابس واقية ولا توفر لهم الحكومة مثل هذه الملابس أو وحدات خاصة من الخبراء للقيام بهذه المهمة؟
ــ الحكومة كانت تصدر تعليمات توصي فيها بالحذر من استعمال هذه المواد وتؤكد على ضرورة استخدام ملابس واقية، لكن التقصير كان من الجهتين، فالنصائح الحكومية تعاني من نقص كبير، فلم توضح مثلاً نوع القفازات التي على الفلاحين استخدامها في عمليات (الطمس). وهل هي من النوع الخفيف او الثقيل؟ ولم يحدد طولها. ولم تنص التعليمات علي ضرورة استخدام أجهزة واقية للوجه أو الكمامات المانعة لاستنشاق الأبخرة المتصاعدة من هذه المواد الكيمياوية. ولم توصِ التعليمات الفلاحين بضرورة عدم لمس الحيوانات بعد طمسها بالمادة الكيمياوية.
وقد اكتشفنا نتيجة الأبحاث التي قمنا بها استمرار تأثير هذه المواد الكيماوية على الإنسان.

هل هذه المواد قاتلة فعلاً للحشرات التي تعاني المواشي من آثارها؟
ــ نعم، فهذه المواد الكيماوية مشتقة أساساً من الأسلحة الكيمياوية!!
ولتوضيح كيفية إنتاج هذه المواد الكيماوية أقول أنه في عام 1937 نشر عالم ألماني في الكيمياء اسمه شوردر بحثا أوضح فيه إحدى خواص مواد الفوسفات العضوية المهمة وهي قدرتها على قتل الحشرات.
وعند دخول الحلفاء إلى برلين في عام 1945 وهزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية اكتشفوا مخازن كبيرة جدا تحتوي على غازات كيمياوية هي (الكابون، السارين، وأنواع أخرى من هذه الغازات).
ومبعث الاستغراب هو عدم استخدام أدولف هتلر لهذه الغازات السامة ضد جيوش الحلفاء عند شعوره بالهزيمة في نهاية الحرب العالمية الثانية. وسرعان ما انكبّ علماء من بريطانيا والولايات المتحدة لدراسة هذه الغازات القاتلة ومعرفة مكوناتها، فاكتشفوا خاصيتين لها هما: التأثير الحاد والمباشر على وقف النبضات العصبية بين نهاية الأعصاب وبين العضلات أو بين نهايتي عصب وعصب آخر في الجهاز العصبي المركزي آو الجهاز العصبي اللاإرادي... والخاصية الثانية هي عدم الاستقرار الهائل لهذه الغازات السامة، فعند إطلاق كمية قليلة منها تتحول إلى بخار كافٍ لوقف عمل الجمل العصبية بشكل كامل تؤدي إلى موت الإنسان، بمعنى آخر فإن قطرة واحدة من هذه الغازات على الجلد كافية لموت الإنسان!!!

وطور العلماء البريطانيون والأمريكيون الملمّون برأي شوردر هذه المزايا والخصائص الكيماوية فجعلوها أكثر استقرارا وقللوا من قوة تأثيرها على الجملة العصبية. وسهل ذلك إنتاج المبيدات الحيوية. وحتى عقد السبعينيات من القرن الماضي كان أكثر المبيدات الحيوية استعمالاً هو (الأورجانو كلورين) وأشهر مشتقاته هو د.د.ت. المستخدم لمكافحة البعوض القليل التأثير على الإنسان والشديد الضرر بالبيئة.

كان اكتشاف الفوسفات العضوية بعد الحرب العالمية الثانية بمثابة منجم ذهب للشركات الكيماوية، فإنتاجها أسهل وكلفتها أقل وتأثيرها كبير جدا، لكن شيئاً واحدا لم تحسبه هذه الشركات هو تأثير هذه المواد السامة البعيد المدى على الإنسان....

واكتشفتُ نتيجة الأبحاث التي قمت بها حول تأثير هذه المواد، عدم إجراء دراسات جدية حول تأثيرها على الإنسان والبيئة على المديين المتوسط والبعيد.

واكتشف العلماء قدرة هذه المواد العضوية على إصابة الإنسان والحيوان بالشلل عند استخدامها. واستنتج مركز الدراسات البحثية في بريطانيا الواقع شرق لندن إمكانية إنتاج آلاف المواد من الفوسفات العضوية بتراكيب مختلفة. وسادت نظرية بين العلماء عن تقارب تأثير هذه المبيدات على الإنسان والدجاج، واخترع فحصاً لقياس التأثير أطلق عليه اسم (فحص الدجاج) Hingest. ونتيجة كل ذلك هي أن كل شركة أخذت تنتج عنصراً جديداً من الفوسفات العضوية لأغراض تجارية بعد إجراء فحص (الدجاج) عليها إضافة إلى فحوصات كيمياوية أخرى داخل المختبر، وليس على الإنسان... وتقدم وثائق تتضمن خلاصة ما قامت به من أبحاث فتحصل على إجازة الإنتاج تجارياً لمواد كيمياوية سامة من لجنة خاصة ثم تطرحها في الأسواق......


بعد أن اكتشفتَ التأثير السمي لهذه المواد على الإنسان، هل بحثتَ في مدى تأثيرها على الحيوان؟
ــ اعترضتُ على الوزارات المختصة في بريطانيا وفي دول السوق الأوروبية على فحص (الدجاج) باعتباره غير كاف لتحديد مدى تأثير هذه المواد على الإنسان، أما تأثيرها على الحيوانات فقد قمت بأبحاث لاحقة للتوصل إلى استنتاجات بهذا الخصوص.

ما هي النتائج التي توصلت لها بهذا الخصوص؟
ــ اكتشفت بالتعاون مع مراكز أمريكية في شمال كارولاينا وأورجون وجود تباين في تأثير هذه المواد السامة على الحيوانات، فالأغنام مثلا تتميز بمقاومتها للخصائص السمية. ومقاومة الإنسان لهذه الخصائص يختلف عن مقاومة الفئران. وتتباين التأثيرات على الفئران باختلاف مشتقات المواد العضوية.

ذكرتَ في إجابتك عن سؤال سابق إلزام القانون البريطاني للفلاحين باستخدام هذه المواد، فهل تلزم دول أخرى فلاحيها باستخدامها أيضا؟
ــ لا، لا يوجد مثل هذا القانون في دول أخرى، فحتى استراليا ونيوزيلندا ودول أوروبية تتميز باعتماد دخلها القومي على صادراتها من اللحوم ومشتقات الألبان لا تلزم فلاحيها بمكافحة (حشرات المواشي) بهذه الطريقة.

هل هذا يعني عدم تصدير المواد الكيماوية المستخدمة لمكافحة الحشرات إلى دول أخرى؟
ــ بالعكس! إنها تُصدر وتستخدم في مختلف أنحاء العالم، لكن الحكومات لا تلزم الفلاحين باستخدامها حتى لا تتعرض إلى المساءلة القانونية.

هل تُصدر هذه المواد السامة إلى الدول العربية؟
ــ نعم، تصدر إلى الدول العربية دون استثناء. والأسوأ من ذلك أن هذه الدول تستورد أنواعاً رخيصة منها لم تمر حتى بمرحلة (فحص الدجاج)! وأسوأ في تأثيراتها السمية على الإنسان والبيئة من تلك المستخدمة في الدول الغربية!!! أكثر من هذا اكتشفتُ أن بعض مواد الفوسفات العضوية الغير مجاز استخدامها في الدول الأوروبية والولايات المتحدة تصدر إلى دول العالم الثالث.

ما هي استخدامات هذه المواد المصدّرة؟
ــ تستعمل لمكافحة الآفات الزراعية عن طريق رش أشجار الفواكه. ورشها أيضاً في البيوت لقتل الحشرات واستعمالات واسعة أخرى.

ما هو تأثير هذه المواد على الإنسان؟
ــ إنها لا تؤثر على الجملة العصبية فحسب، بل تؤدي أيضاً إلى تغيير الصفات الوراثية (الكروموسومات) وتزيد من نسبة إصابة الإنسان ببعض أنواع السرطان وتؤثر سلباً على المناعة.
وأعتقد أن استخدام هذه المواد في دول العالم الثالث بشكل متزايد هو أحد أسباب انتشار الأمراض الوبائية لتقليلها مناعة الإنسان. إضافة إلى تأثيرها على الجملة العصبية تدريجياً وإلحاق الضرر بقابلية الدماغ على التفكير والتركيز والذاكرة.

على مَن عرضتَ هذه النتائج بعد توصلك إليها؟
ــ عرضتها في تقرير رسمي على وزارات الصحة، الأمن الصحي التابع لوزارة البيئة ووزارة الصحة المشرفة على الهيئة التي تجيز استخدام هذه المواد.

هل بادرت شخصيا بعرض هذه النتائج على الجهات الحكومية البريطانية؟
ــ نعم بادرت بعرضها على هذه الجهات بتقرير مفصل. وأسفر ذلك عن نتيجة مهمة هي إلغاء القانون الذي يجبر الفلاحين على استخدام هذه المواد.
وأسفر هذا الإلغاء عن إشكاليات لا زالت مستمرة، فالحكومة عندما أجبرت الفلاحين قانونياً على استخدام هذه المواد عليها تعويضهم عند اكتشاف آثارها المضرة بالصحة.
ودخل المعادلة عامل التعويض، فهناك 200 ألف فلاح بريطاني أجبروا قانونيا على استخدام مواد سامة وعلى الحكومة تعويضهم مالياً. وتقدر هذه التعويضات بملايين الجنيهات الإسترلينية للمزارعين.
والعامل الثاني الذي دخل المعادلة أيضاً هو تخطئة المجالس العلمية التي كانت تنصح الوزارات بعدم وجود ضرر على الإنسان والحيوان والبيئة من استخدام هذه المواد والنصح بإجازتها.
ولا أخفي بأن التقرير الذي قدمته إلى الوزارات البريطانية هدد المكانة العلمية لعدد كبير من الخبراء والحاملين للقب بروفيسور في المجالس العلمية، بعدها دخلت الشركات الاحتكارية المنتجة لهذه المواد والتي تضررت مصالحها نتيجة التقرير.

هل أجبرت الحكومة البريطانية الشركات على إيقاف تصدير الفوسفات العضوية أو المواد المشتقة منها بعد أن ألغت القانون الذي يلزم الفلاحين البريطانيين على استخدامها؟
ــ لا لم تتصرف الحكومة البريطانية على هذا النحو، ولم تسحب إجازة استخدام هذه المواد.

هل تمكنتَ من تحديد عدد الفلاحين البريطانيين المصابين بالتسمم حالياً نتيجة استخدام هذه السموم؟
ــ توجهتُ أولا بالسؤال إلى المنظمات الطوعية عن وجود مرضى لديهم يدعون أن سبب مرضهم هو استخدام هذه المواد فاكتشفت وجود 200 مريض يعانون من أمراض غير معروفة، فأخذت عينة عشوائية تمثل جميع المرضى دون استثناء. وبعد فحص العينة بالكمبيوتر شخصتُ إصابتهم بالتهاب الأعصاب المحيطة، أي بالتسمم. وكان جميع أفراد العينة من الفلاحين الذين يتعاطون مع هذه المادة.
بعدها قام فريق عمل في غرب اسكتلندا بأخذ عينة تتكون من العاملين في 2000 حقل فلاحي، أخذنا منهم عينة تتكون من العاملين في 20 حقلا تمثل سكان غرب وشمال اسكتلندا فتوصلنا إلى نفس النتائج لكن درجة الإصابة بالمرض كانت أقل نتيجة محدودية استخدام المواد السمية، حيث يمكن أن تتزايد شدة المرض مع التقدم بالعمر والاستمرار بالمهنة ومكافحة (حشرات المواشي).

هل زودت المنظمات غير الرسمية بتقريرك؟
ــ نعم أرسلت نسخة إلى منظمة السلام الأخضر وأصدقاء الأرض وجماعات بيئية ومنظمات في ايرلندا واسكتلندا.

هل نشرت هذا البحث في مجلات علمية؟
ــ نعم نشر في العديد منها.

ما هي ردود أفعال الوزارات والحكومات الأوروبية تجاه هذه القضية؟
ــ الصدمة الأولى هي إلغاء الحكومة البريطانية للقانون الذي تحدثت عنه، وجاء رد الفعل بعدها من جهات عديدة، فبعد أن لاحظ خبراء وزارة الزراعة البريطانية في التقرير خطراً على وظائفهم ومصالحهم ودليلا على ارتكابهم لتقصير يعرضهم للحساب، لذلك اتخذوا موقفا سلبيا من النتائج التي توصلت لها، ولا يختلف موقف المجالس العلمية المعيّنة مِن قبل الحكومة لإبداء النصح والإرشاد لها حول هذه المسائل وموقف الشركات الاحتكارية عن موقف المجالس العلمية في سلبيته.

كيف واجهت هذه الجهات القوية التقرير؟
ــ أبدى الموظفون شكوكا حول النتائج التي توصلت إليها. وشككت المجالس العلمية باستنتاجاتي واعتبرتها تفتقر إلى الدليل القاطع خاصة في ظل تشابه أعراض ونتائج التسمم بالمواد العضوية في مراحلها المبكرة مع أمراض أخرى.

ما موقف الشركات من التقرير؟
ــ تتراوح قيمة مبيعات الشركات البريطانية من الفوسفات العضوية بين 20 ــ 35 مليار جنيه إسترليني سنوياً. وتقدر آخر الإحصاءات مبيعات الشركات الكيماوية المنتجة لهذه المواد في العالم حوالي 100 مليار دولار في العام، وأكبر الشركات المنتجة لها هي كلاشكو (ICI) وداو ألبان وزنكا الأمريكيتين، وتُعدان أكبر الشركات وأشهرها، وشركة سيبكا يدي السويسرية.
وتمثل ردة فعل هذه الشركات على الأبحاث بإصدار تصريحات تشكك بها ودفعوا بالكثير من العملاء إلى التقليل من قيمتها.
وتركز الموقف السلبي من الأبحاث في ثلاث مؤسسات هي: البرلمان البريطاني والمجالس العلمية والعلماء المدفوعين من جهات ثانية، وتركز الكم الأكبر للنقد من قبل الشركات.

ودفاعاً عن الأبحاث التي قمت بها وما تضمنته من استنتاجات ألقيتُ محاضرة أمام النواب في مجلس العموم البريطاني ركزتُ فيها على أخطاء النظام البريطاني في إجازة إنتاج هذه المواد تجارياً وهي:

1 ــ عدم وجود جهة مستقلة تتأكد من صحة بحوث الشركة المنتجة حول صلاحية المواد الكيماوية المنتجة، فكل المعلومات العلمية المطلوبة من قبل الجهة المانحة للإجازة تستنتج من أبحاث تُجرى من قبل الشركات نفسها.
2 ــ لا يجيز القانون نشر الوثائق المقدمة من الشركات للحصول على إجازة إنتاج هذه المواد وتعتبر سرية لا يحق لأحد الاطلاع عليها سوى مانحي اجازة الانتاج.
3 ــ تضمنت المحاضرة التي حضرها 120 نائباً أدلة غير قابلة للدحض أن 90 في المائة من الخبراء أعضاء المجالس العلمية الذين يتولّون منح إجازة انتاج المواد للشركات: يعملون إما مستشارين لها ويتلقون رواتب ضخمة منها أو من حاملي اسمها الكبار، لذلك لديهم مصلحة لإنتاج الشركات لهذه المواد.

هل تعرضتَ لضغوطات من جهة ما بعد نشرك للبحث؟
ــ رفضت عرضاً لشركة تنتج المواد الكيماوية لأكون مستشارا لها بمرتب يبلغ ملايين الجنيهات الإسترلينية مقابل إنكار النتائج التي توصلت إليها، ولا زلت أرفض عروضا من مندوبي الشركات للعمل كمستشار لها مقابل رواتب ضخمة لمعرفتي الغرض من ذلك.
وأعتقد أن أعظم ما كسبته من أبحاثي وإعلانها على الرأي العام هو صداقاتي مع قادة الرأي العام وعلاقاتي الممتازة مع المنظمات المهتمة بالبيئة والصحة وحصولي على جائزة منظمة (الحملة من أجل حرية المعلومات) لعام 1998 التي حصل عليها قبلي رئيس وزراء بريطانيا طوني بلير.

هل اكتفت الحكومة البريطانية بإلغاء قانون إجبار الفلاحين باستخدام هذه المواد أم ستتخذ إجراءات أخرى؟
ــ طالبت بإلحاح خلال جلسات المجلس العلمي المشكل لتقديم الاستشارات للوزارات البريطانية بخصوص هذه القضية على إجراء أبحاث أوسع. واقترحت إجبار الشركات التي تجني أرباحاً طائلة على تمويل هذه الأبحاث.
وتمت الموافقة على مقترحي على أن تمول الأبحاث من ميزانية الحكومة وليس الشركات. وخصص مبلغ نصف مليون جنيه إسترليني لفريق العمل الذي يتولى إجراء بحث أعم وأشمل.
وتعاقد فريق من الخبراء عملت معهم مع الوزارات البريطانية لتنفيذ البحث الذي اقترحته والمتضمن مقترحات الوزارات بما فيها شمول جميع أنحاء بريطانيا به. وابتدأ الفريق بالعمل في عام 1995 وأنهى بحثه في نهاية عام 1998 وقدم التقرير المكون من ثلاث أجزاء إلى الحكومة البريطانية في نهاية العام الماضي.
ولم تختلف النتائج التي تم التوصل اليها عن نتائج التقرير والبحث الأول حيث شمل عمل الفريق 617 حقلاً زراعياً في جميع أنحاء بريطانيا.

وكرد فعل على النتائج كتبت صحيفة نيويورك تايمز مقالاً افتتاحياً حول الموضوع ونبهت إلى مخاطره، أخذته عنها صحف بريطانية أخرى. وغيّرت الشركات المنتجة للفوسفات العضوية تصميم حاويات هذه المواد!

وبرغم قناعتي وتوضيحي لعدد من الوزراء أن أعضاء المجالس العلمية في بريطانيا غير مؤهلين للبت في نتائج البحث ولا يتميزون بالإنصاف والعدالة في تقييمها لوجود آراء مسبقة لديهم عنها وإعلانهم لها في كتب ومقالات نشروها، إلا أن البحث أحيل لهم. وقيل لي من أعلى المستويات أن السبب هو البيروقراطية وصعوبة تجاوز هذه المجالس والآراء التي تتقدم بها، لكن أعضاء المجالس اضطروا إلى نصح الحكومة بإجبار الشركات على تغيير شكل الحاويات وجعلها أكثر أماناً. ونصحوا الحكومة باستبدال الملابس الواقية لتغطي جسم الإنسان بشكل كامل على أن تكون مصنوعة من البلاستيك غير القابل لنفاذ الماء وتفصيلات أخرى.
والمشكلة أن التصميم المقترح للملابس يجعلها غير عملية فهي أقرب إلى ملابس رجال الفضاء منها إلى ملابس واقية للفلاحين ومرتفعة الكلفة. وتم نصح الحكومة بإقامة دورات لتعليم الفلاحين لاستخدام هذه المواد بشكل آمن وتشجيع إنتاج مواد بديلة لمكافحة حشرات الحيوانات. وأعتقد أن تراخي الحكومة وإرسالها التقرير إلى المجالس العلمية للبت فيه يعود إلى خوفها من تحمل النتائج القانونية، والتعويضات للفلاحين نتيجة إجبارهم على استخدام هذه المواد.

ماذا أوصيتم بالتقرير؟
ــ لم تكن مهمة الفريق إصدار توصية بإيقاف استعمال الفوسفات العضوية. وقلنا للحكومة أن هذه المواد تؤثر بشكل سيء على الصحة خاصة الوظائف العليا للدماغ وبرهنا بالدليل القاطع على خطأ الاعتقاد بأنها غير مضرة بصحة الإنسان.
والحقيقة أن الحكومة البريطانية العمالية الحالية لم تكن راضية عن المقترحات التي قدمناها لهم رغم دقتها واستجابتها لتوصيات الهيئات الاستشارية الرسمية التي كانت تجتمع كل ثلاثة أشهر لمراقبة سير البحث وتزويد الفريق بالتوصيات حول كيفية إجرائه حيث تم الالتزام بها حرفياً وجاء مطابقاً لكافة الشروط العلمية والرسمية.


بماذا تنصح الحكومات العربية حول التعامل مع هذه المواد في حال استيرادها؟
ــ يجب على الحكومات العربية التأكد من أن المواد المستوردة مستخدمة فعلاً في البلد المنتج ومجازة الاستخدام من قبل الحكومة، فهناك فوسفات عضوية تصدر إلى الدول العربية غير مجازة الاستخدام في بريطانيا والولايات المتحدة مثل (الفراسايل) و(ملاسايل) الذي استخدمه الحلفاء في الرش على الأسرى العراقيين الذين أسروا خلال حرب الخليج الثانية برغم عدم إجازة استعمال هذه المادة في بريطانيا. وهذه حادثة مشهورة اكتشفتها عند عملي على مرضى حرب الخليج.

والأعجب من ذلك أن مشتقات من الفوسفات العضوية لا تتضمنها قائمة منظمة الصحة العالمية المسموح باستخدامها من هذه المواد لا زالت تصدر وتستخدم في دول العالم الثالث.

ما هي الخلاصة أو الرسالة التي توصلت إليها من هذه الأبحاث؟
ــ أهم الاكتشافات التي توصلت إليها هي علاقة العلم بالأطماع التجارية، علاقة العلم بالسياسة، علاقة العلم بالمجتمع. وأدركت أبعاد العلم السياسية والاقتصادية والإنسانية وعلاقته بحقوق الإنسان.

 

مواضيع ذات صلة:

 ....مبيدات حشرية طبيعية صنع البيت

  ...المبيدات و الأسـمدة الكيماوية

  ...إلى وزارة "الصحة" في سورية... تهديد!!! ... الدخان المبيد للبعوض والبشـر

  ...النفتالين يسبب السرطان


 

أضيفت في:15-11-2007... فضيحة و نصيحة> الصحة والتلوث والبيئة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد