موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

سر السعادة في 2016

لماذا نكرر الكلمة كل سنة وكل عيد؟.. سنة سعيدة وعيد سعيد.. نعيد ونعيد... هل السعادة هي مناسبة أو أمنية قد تتحقق أو تربحها مثل اليانصيب، أم أنها رؤية وموقف ووعي مستمر تجاه الحياة؟

كانت ليلة مظلمة من ليالي الشتاء الماطرة... سماء ممتلئة بالغيوم، ومن بينها يلمع البرق بقوة وصوت هادر.. وكان هناك شاب يبحث عن طريقه في لحظات ضوء البرق الخاطف.

في النهاية وصل إلى باب كوخ صغير، كان يسكن فيه شحاذ كبير بالعمر طوال حياته... ذلك العجوز لم يخرج أبداً من الكوخ ولم يسافر إلى أي مكان... وعندما يسأله الناس ما إذا شاهد العالم خارجاً يجيب: "نعم لقد شاهدته.. لقد شاهدته جيداً.. أليس العالم موجوداً داخل النفس؟"

بقي الشاب التائه واقفاً عند درج الباب بعض الوقت.. بعدها مع قليل من الخوف طرق على الباب.. فجاءه صوت من الداخل يقول: "من هناك؟ وعن ماذا تبحث؟؟"... أجاب الشاب: "بصراحة لا أعرف من أنا.. لكنني طوال بضعة سنوات كنت أتجول باحثاً عن السعادة.. أنا أبحث عنها وبحثي هو ما جلبني إلى باب كوخك".

ظهر صوت يضحك من الداخل وقال: "كيف سيقدر مَن لا يعرف حتى نفسه أن يجد السعادة؟ في ذلك البحث، لن يفيدك حمل مصباح منطفئ.. لكن حتى هذه المعرفة بأنك لا تعرف نفسك، هي مقدار كافي من المعرفة، ولذلك سأفتح الباب لك... لكن تذكر، مع فتح باب شخص آخر، لا يُفتح أي باب في الحقيقة".

فتح الباب بعد ذلك... في لمعة من البرق، رأى الشاب الشحاذ العجوز واقفاً أمامه.. كانت بهجته وروعته غير مسبوقة.. لكنه كان عارياً تماماً... في عالم الحقيقة، الجمال يكون عارياً دائماً... الثياب تأتي فقط لتغطي البشاعة... جلس الشاب عند قدميه وانحنى وسأل: "ما هي السعادة؟ ما هي السعادة؟؟"

مع سماع ذلك بدأ العجوز يضحك مجدداً وقال: "يا عزيزي... السعادة توجد في الاستقلال.. حالما تستقل، سيتدفق داخلك نهر فائض من السعادة.. اترك قدميّ واترك قدميّ كل شخص آخر.. أنت تبحث عن السعادة في الاعتماد على شخص آخر، وهذه حماقة... أنت تبحث خارج نفسك، وهذه حماقة... في الواقع، حتى بحثك عنها هو حماقة!

الشيء الموجود خارجك يمكن البحث عنه، أما الشيء الذي داخلك فكيف يمكن البحث عنه؟ ارمِ كل عمليات البحث وانظر وشاهد الآن... لقد كان طوال الوقت موجوداً داخلك أنت".

أخرج الرجل العجوز حبتين فاكهة من حقيبته وقال: "سأعطيك هذه الحبتين من الفاكهة، وهي فاكهة خاصة جداً... إذا أكلت الحبة الأولى ستفهم ما هي السعادة، وإذا أكلت الثانية ستكون انت سعيداً بنفسك.. لكن يمكنك أكل واحدة فقط منهما.. لأنك حالما تأكل واحدة ستختفي الحبة الأخرى فوراً... وتذكر، إذا أكلت الحبة الثانية فلن تقدر أبداً على فهم ما هي السعادة... والآن الخيار يعود لك.. ماذا تختار أيها الشاب المحتار؟"

تردد الشاب للحظة ثم قال: "أريد أولاً أن أعرف السعادة، لأنه بدون معرفتها كيف يمكنني إيجادها؟"

ضحك العجوز وقال: "أستطيع رؤية لماذا أصبح بحثك طويلاً جداً.. بهذه الطريقة لن تكفيك سنوات ولا حتى حيوات لإيجاد السعادة، لأن البحث عن معرفة السعادة ليس هو تحقيق السعادة ولا الوصول إليها...

معرفة السعادة واختبار السعادة هما شيئان متعاكسان تماماً...

معرفة السعادة ليست السعادة.. بالعكس، ذلك هو الألم...

معرفة السعادة وألا تكون سعيداً هو التعاسة الحقيقية... ولهذا السبب وحده، نجد الإنسان أكثر تعاسة من الطيور والنباتات والحيوانات.

لكن الجهل أيضاً ليس السعادة، ذلك مجرد انعكاس للتعاسة.

السعادة تكمن في تخطّي المعرفة والجهل كلاهما..

الجهل هو اللاوعي تجاه التعاسة، والمعرفة هي الوعي تجاه الألم...

السعادة هي التحرر من كلا المعرفة والجهل سوية.. فالعلم يعمي والجهالة تعمي وكلاهما بلاء...

إن معنى تخطّي كلّ من المعرفة والجهل هو التحرر من الفكر..

وحالما يتحرر الشخص من الفكر، سيرجع إلى النفس...

ذلك الرجوع والتأسيس في النفس هو السعادة...

ذلك هو الانعتاق والحرية، وذلك أيضاً هو الله والألوهية...

أضيفت في:5-1-2016... زاويــة التـأمـــل> رسائل من نور
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد