موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

كن حيوان يا إنسان!

طالما بقي الإنسان مهتماً بالذكاء العقلي والفكري، منهمكاً فيه، فسيبقى أعمى البصيرة، غبياً غائباً، مُغيّباً عن الحقيقة الساكنة في الوجدان...
هناك اختلاف هائل بين الذكاء العقلي والذكاء الفطري.. الذكاء العقلي أمر مستعار مقتبس من الخارج، من الأهل والمجتمع، من المدارس والجامعات، إنه دخيل غريب، معروض ومفروض عليك، وليس أنت وليس بذكاء...
أما الذكاء الفطري فهو ظاهرة طبيعية بديهية، هو نظرتك إلى الداخل، للأعماق.... إنه الحدس.. ولا علاقة له بالعقل والأفكار والترّهات.. بل ينبع منك.. من وجدانك وأعماقك...

الطبيعة كلها تسير في نظام فتّان، في حال تأمل ووصل واتصال دائم مع الأكوان، ما عدا الإنسان الذي كان سيد المخلوقات في غابر الزمان.. انقطع وانفصل وأصبح سجيناً في زنزانة أفكاره وأحلامه المتضاربة المتصارعة على مدى الأيام...
لهذا علينا العودة إلى أمنا الأرض وإخوتنا الحيوانات، لنتعلم منهم بعض الصفات، ولنرجع إلى فطرتنا وبنيتنا الأصلية المليئة بالحكمة والقداسة والآيات...

تمتلك الحيوانات كمية كبيرة من الطاقة المتدفقة إلى منطقة البصيرة "العين الثالثة" لأن جسمها بكامله يمتد أفقياً، أما الإنسان فيقف منتصباً، ولهذا تتحرك الطاقة بعكس اتجاه الجاذبية الأرضية وتحتاج إلى جهد كبير حتى تصعد عالياً إلى العينين.
حتى تنفتح البصيرة يتطلب الأمر اندفاعاً هائلاً سريعاً للطاقة ولهذا تلجأ بعض مدارس اليوغا إلى وضعية الوقوف على الرأس، لكن هذا الاندفاع القوي يمكن أن يكون كبيراً جداً بحيث يدمر العديد من الأعصاب الدقيقة، لذلك لا تُحبذ هذه الطريقة، ولا تستخدم إلا في حالات نادرة جداً.
بدلاً منها يمكننا أن نتحرك ونمشي مثل الحيوانات، وسيكون هذا أمراً رائعاً ساحراً، لأنه سيحدث اندفاعاً متناغماً متناسباً للطاقة في أجسادنا ومقاماتها...
عندما تتحرك مثل الكلب وتلهث، فإن اللهاث يُنشط مقام النّطق "مركز الحنجرة" القريب من مركز البصيرة، والمتواجد تحته مباشرة، وعندها ستبدأ الطاقة بالتدفق من مركز الحنجرة إلى البصيرة...

تعيش الحيوانات في عالم مختلف تماماً بسبب امتداد عمودها الفقري بشكل أفقي، أما الإنسان فقد أصبح منفصلاً مبتعداً عن عالم الحيوان لوقوفه بشكل عمودي...
من الجيد أحياناً أن تعود كالحيوان... لأنك عندما تتحرك على أربع سيمنحك ذلك اتصالاً مباشراً عميقاً وثيقاً بالماضي والتراث كله من جديد.. لتتحد وتتوحد معه، وتعود جزءً لا يتجزأ من الطبيعة ومملكة الحيوان الكلّية.. فتنساب الطاقة فيك بكل عفوية وتلقائية، وتغدو أقل قلقاً وأرقاً وتفكيراً، أكثر صفاءً ونقاء... متناغماً مع اللحظة، مع الآن مثل الحيوان، فهو لا يفكر لا بالماضي ولا بالحاضر أو المستقبل، لكنه حاضر فحسب يعيش اللحظة بفرح وابتهاج واحتفال... في يقظة وجاهزية للاستجابة دون أفكار وعار وأخبار...

أضيفت في:23-5-2006... صيدلية الروح> من البصر إلى البصيرة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد